مرحبا بكم في لقاء يتجدد دائماً معكم... في الحقيقة عندي أخبار كثيرة وسوالف عديدة بمناسبة شهر ذي الحجة..
منذ دخول هذا الشهر حرص والدي وأعمامي على شراء الأضاحي، وحيث أنه لا يوجد متسع في بيوت أعمامي فقد وقع الاختيار على حوش منزلنا الفخم ليكون حظيرة راقية للشباب أصحاب القرون..
وطبعاً انقلبت حياتنا رأساً على عقب منذ دخول أول ضيف منهم..
فأنا وظفت نفسي استشارية بيطرية للجماعة ومرافقة على مدار الساعة إلا وقت الفطور بعد صيام يوم كامل (حيث كما تعلمون أنها أيام فضيلة) أعتقهم قليلاً وأفطر ثم أكمل باقي السهرة معهم.
سعيدان توظف فارس خرفان يمتطي الخروف ويمسك بقرونه ويترك له حرية التنقل والرفس في أي اتجاه.. كذلك توظف بعمل آخر مصارع الثيران، أما أخواتي فلم يقربن من الحوش خوفاً من الخرفان يا حرام..
المهم بداً الفلم عندما أحضرت حليباً دافئاً بالزنجبيل ووضعته في قدر وقربته لهم فالجو كما تعلمون بارد جدا والمساكين في الحوش يصطلون من البرد، ثم أحضرت فروة الوالد وحمد وسعيدان ووضعتها على ظهور الخرفان للتدفئة فقلبي لا يحتمل أن أتدفأ بالصوف وهم يرتجفون من البرد.
أما سعيدان فأكمل الناقص: قال ما دام أحضرت حليب دافئ فمن المناسب أن أحضر أنا شابورة لتكمل فرحة الخرفان ولا ينسون هذا المعروف!! الحمد لله على نعمة العقل!!
بعد يومين من استضافتنا لهم لم أعد أطيق فراقهم، لقد أحببتهم جداً وكنت أفكر جدياً في كيفية إسعادهم إلى أن تنتهي حياتهم ويتحولون إلى مفاطيح...! لذا كنت أبخر المكان من حين لآخر وأشغل شريط أناشيد أطفال
وأما سعيدان فقد كان نذلاً بمعنى الكلمة فكان يتغافلني ليشغل أصوات لقطيع من الغنم في إحدى الروضات الغناء ليقهرهم على حد زعمه..!
وفي يوم عرفة وعند الإفطار حيث كانت العائلة متحلقة على المائدة نسأل الله القبول وأن يكفر عنا السنة الماضية والقادمة... كان سعيدان منهمكاً في جريمة جديدة فقد قص شعر رؤوس الخرفان ثم أحضر اللي وفتح الماء عليهم ولم نشعر إلا والخرفان في الصالة بأشكالها المرعبة وهي تنتفض من البرد وسعيدان وراءها والشامبو في يده، قال ايش قال أغسلهم واحلقهم للعيد!!!
طبعاً أبي لم يحتمل أكثر فصرخ على سعيدان وأمره بالخروج فوراً هو وخرفانه متوعداً إياه بأنه سيقوم بتوزيع لحم الأضاحي على الحي بأكمله لوحده!
لقد رأيت الخرفان ينظرون إلي نظرة استعطاف وهم يصرخون بصوت واحد ( امبااااع )
اهئ اهئ، لذا لم أستطع الصبر فقمت إليهم وأحضرت السشوار وقمت بتجفيف شعورهم، بعد
دقيقة كان سعيدان قد أحضر عطر حمد الغالي وافرغ نصفه على الجماعة لإكمال مشروع العيد... لقد كدت أجن من هذا الولد... لا تصدقون أني أدعو له دائماً وخصوصاً عند الفطر أن يهديه الله ويعقل..
وفي الليل كان الجميع مشغولاً، فقد كنت أرتب ملابس العيد وأقوم بكيها وتجهيز الإكسسوارات وما سأحتاجه غداً، ثم اتجهت إلى أخواتي فقمت بتحميمهن، وعدت إلى المطبخ لأجهز البيالات والفناجيل لاستقبال الضيوف غداً بأنواعهم المهمين والثقلاء واللزقة...
وفي هذه الأثناء سمعت صوت العاملة وهي تقرقر بكلام لم أفهم منه إلا(سايدان هرام اليك ايش سوي في الباع) وأطير مباشرة إلى فندق الخرفان لأجد مفاجأة لا اعتقد أن أحداً سمع بها...
لقد وجدت سعيدان وبيده بخاخ الألوان الأحمر وهو يكتب على الخرفان الآتي: حق عي محمد، والآخر: حق عمي عبد الله،
والأخير: حقنا..! طبعا كان حافياً وأكمامه مبللة...
لم أعد أحتمل أكثر من ذلك فقلت له أنت محروم من العيدية... لكنه ركع على ركبتيه وأخذ يبكي ويردد آسف لن أكررها، كل شيء إلا العيدية، أرجوك ارحميني، فرق قلبي له (قلب من ذهب)
وقلت له اذهب واغتسل ثم البس ملابس دافئة وجوارب ا وادهن وجهك بفازلين حتى يلين المشق ويتقبلون الناس يسلمون عليك غداً..
وبالفعل عشر دقائق وإذا هو أمامي بملابس نظيفة ووجه يلمع وشعر مرتب، لدرجة أني كدت ألا أعرفه فمنذ زمن لم أره بهذا الشكل!! يمكن من العيد الماضي!! والبركة في نقطة ضعفه: العيدية!!